سوق العقارات السكنية في الرياض وجدة يحقق نمواً لافتاً في النصف الأول من العام 2024، مع دخول نحو 27,500 وحدة سكنية جديدة إلى السوق في المدينتين

في قطاع الضيافة، سجّل متوسط الأسعار اليومية في الرياض ارتفاعاً كبيراً بنسبة 25% خلال العام حتى يونيو 2024

التوقعات تشير إلى حفز في نمو معدلات الإيجار والإشغال بفضل ارتفاع مستويات طلبات التأجير المسبق للمكاتب ضمن المشاريع المؤسسية القادمة عالية الجودة، إلى جانب الطلب الكبير المكبوت في السوق، ولا سيما من قبل الشركات الموجودة التي تتطلع إلى زيادة مساحاتها المكتبية.

قطاع التجزئة يظهر استقراراً نسبياً في النصف الأول من العام 2024 رغم الضغوطات التي تشمل دخول مخزون جديد من العقارات المؤسسية عالية الجودة إلى السوق وزيادة طلب المستهلكين على التجارب الجديدة

الرياض، المملكة العربية السعودية- – انسجاماً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 الطموحة للتحول والتنوع الاقتصادي، واصل سوق العقارات في المملكة العربية السعودية نسق نموّه التصاعدي بفضل المبادرات الاستراتيجية والاستثمارات الكبيرة في تطوير البنية التحتية والمشاريع العملاقة، وهو ما ساهم أيضاً في تعزيز مرونة السوق وقدرته على التكيّف مع التحديات المختلفة.

وكشف أحدث تقرير لشركة جيه إل إل حول أداء سوق العقارات بالمملكة العربية السعودية عن تحقيق قطاعي العقارات السكنية والضيافة أداءً قوياً في النصف الأول من العام 2024، وذلك على خلفية الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز تملّك المنازل وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات السياحية، بالإضافة إلى تعزيز العروض الترفيهية ودعم الأنشطة الرياضية والتجارب الجديدة، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة عالمية رائدة في مجال الترفيه.

وسجل قطاع العقارات السكنية بداية قوية في عام 2024 مع دخول 27,500 وحدة سكنية إلى سوق مدينتي الرياض وجدة في النصف الأول من العام، ليصل إجمالي مخزون السوق من الوحدات السكنية إلى 1.46 مليون وحدة في الرياض و891 ألفاً في جدة، كما سيتم إضافة حوالي 16 ألف وحدة سكنية إلى المخزون في المدينتين في وقت لاحق من هذا العام.

وشهدت أسعار بيع العقارات السكنية في الرياض ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 10% على أساس سنوي في النصف الأول من العام، كما ارتفع متوسط الإيجارات بنسبة 9% سنوياً. في حين سجلت جدة معدلات نموّ أقل، حيث ارتفعت أسعار البيع والإيجار بنسبة 5% و4% سنوياً على الترتيب خلال نفس الفترة. ورغم ارتفاع تكاليف البناء وتعقيدات المشاريع العملاقة وغيرها من التحديات التي أثرت على تطور القطاع، إلا أنّ سوق العقارات السكنية في المملكة العربية السعودية يسير بخطىً ثابتة نحو مزيدٍ من التوسع والازدهار.

وكشف التقرير عن توجّه قطاع تطوير العقارات السكنية في حاضرة الدمام نحو المناطق الداخلية، حيث يتركز النشاط العقاري في مدينة الخُبر. وبينما حافظ متوسط أسعار البيع على استقراره، شهدت الإيجارات زيادة سنوية طفيفة بنسبة 4%.

وفي الوقت الذي تستعد فيه المملكة العربية السعودية لاستقبال 150 مليون زائر في عام 2030، سجل قطاع الضيافة أيضاً نمواً منقطع النظير في النصف الأول من عام 2024. وقد ارتفع متوسط الإشغال في المملكة بمقدار نقطة مئوية واحدة مع زيادة متوسط السعر اليومي بنسبة 7%، في حين قفزت الإيرادات لكل غرفة متاحة بنحو 8% وذلك على أساس سنوي حتى يونيو 2024. وسجلت مؤشرات الأداء الرئيسية في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ارتفاعاً سنوياً كبيراً خلال الشهور الستة الأولى من العام 2024، حيث ارتفعت الإيرادات لكل غرفة متاحة بنسبة 4% و15% على التوالي. وخلال الفترة نفسها، شهدت الرياض زيادة في متوسط السعر اليومي بنسبة 25%، مدفوعاً بارتفاع زيارات الشركات نظراً لتمركز الفعاليات المؤسسية في العاصمة.

ولا شك أن اضطلاع قطاع السياحة بدورٍ محوري في جهود التنويع الاقتصادي في المملكة سيعزز التوقعات الإيجابية لقطاع الضيافة، لا سيما مع عزم المملكة إجراء استثمارات بقيمة 800 مليار دولار على مدى العقد المقبل، فضلاً عن تنظيم مجموعة من الأحداث المهمة المرتقبة، مثل كأس آسيا 2027، ودورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، ومعرض “إكسبو 2030″، وكأس العالم 2034. ويساعد نظام النجوم العالمي لتنصيف الخدمات الذي تم طرحه مؤخراً في معالجة تحديات الجودة قصيرة الأجل ودعم تحسّن السوق على المدى الطويل.

ويوضح التقرير، المستند إلى رؤى تم جمعها من الخبراء في القطاع، استمرارية التنافسية في سوق قطاع المساحات المكتبية مع قيام أصحاب العقارات بتوجيه مفاوضات الإيجار ودخول شركات جديدة إلى سوق المملكة، في حين تسعى الشركات الحالية إلى توسيع أو ترقية مساحات مكاتبها. كما تمت إضافة ما يقرب من 52000 متر مربع من المساحات المكتبية في الرياض في النصف الأول من العام، ليصل إجمالي المعروض الحالي إلى 5.2 مليون متر مربع. بينما حافظت جدة على إجمالي مخزون ثابت يبلغ 1.21 مليون متر مربع. ومن المتوقع أن يتم إضافة معروض كبير يُقدّر بحوالي 249000 متر مربع في الرياض و48000 متر مربع في جدة خلال النصف الأخير من العام. من جهةٍ أُخرى، تعزز الهيئات المرتبطة بالحكومة الطلب على المكاتب في حاضرة الدمام، مما يؤدي إلى زيادة بنسبة 10% في متوسط ​​الإيجارات في العام حتى الربع الثاني 2024.

وشهد الطلب على العقارات المؤسسية عالية الجودة ارتفاعاً كبيراً، خاصة في المنطقة الشمالية من الرياض، والتي تتميز بسهولة الوصول وازدحام مروري أقل وتوافر خيارات عالية الجودة للمكاتب. وعليه، ارتفع متوسط ​​إيجارات الفئة (أ) بنسبة 19% على أساس سنوي إلى 2090 ريال سعودي للمتر المربع سنوياً في العاصمة. بينما شهدت إيجارات الفئة (أ) في جدة زيادة سنوية بنسبة 11% لتصل إلى 1335 ريال سعودي للمتر المربع سنوياً.

من جانبٍ آخر، أدى التوسع في عروض السوق الجديدة إلى جذب تجار التجزئة إلى المنطقة الشمالية من العاصمة، بعد فترة من الحذر والتأجيل بسبب المنافسة المتزايدة. وفي الوقت نفسه، شهد قطاع التجزئة تحولاً نحو تجارب تسوق مبتكرة، حيث تزداد شعبية التجارة الإلكترونية في المملكة، والتي تأقلمت بسرعة مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية السريعة، وافتتاح دور السينما ومنافذ المأكولات والمشروبات والمرافق الترفيهية. وبينما تسيطر المراكز التجارية الإقليمية الفائقة على مشهد التسوق في الدمام والظهران، تُقدم مدينة الخُبر تجربة تسوق فريدة من نوعها على الواجهة البحرية.

وفي الوقت الذي شهدت فيه الرياض توقفاً في افتتاح المراكز التجارية الكبرى خلال النصف الأول من عام 2024، واصلت جدة توسعها في قطاع التجزئة بإضافة 106,000 متر مربع جديدة إلى سوق 7، ليصل إجمالي المعروض فيها إلى 2.16 مليون متر مربع. كما ارتفع متوسط الإيجارات للمراكز التجارية الإقليمية الفائقة في جدة بنسبة 4% على أساس سنوي، في حين شهدت المراكز التجارية الإقليمية انخفاضاً بنسبة 4%. ومن المتوقع أن يتمتع القطاع بنتائج إيجابية على المدى البعيد. ورغم استقرار مساحات منافذ التجزئة في الرياض عند 3.48 مليون متر مربع، إلا أنه من المتوقع إضافة 77000 متر مربع في وقت لاحق من العام.

وفي معرض تعليقه على التقرير، صرح سعود السليماني، المدير الإقليمي لشركة “جيه إل إل” في المملكة العربية السعودية، قائلاً: “يشهد سوق العقارات في المملكة العربية السعودية تطورات ديناميكية سريعة، حيث تتزايد فرص النمو مع اقتراب المملكة من تحقيق أهداف رؤية 2030. ويُعزى الطلب القوي على العقارات في جميع فئات الأصول إلى زيادة عدد السكان، وتطوير البنية التحتية، والمبادرات الاستراتيجية المدعومة من الحكومة، مما يسرع النمو غير المسبوق في قطاع العقارات بالمملكة. ولن يقتصر تأثير هذا التطور على الاقتصاد فحسب، بل سيساهم أيضاً في خلق فرص استثمارية متنوعة ومستدامة في مجال العقارات، مما يرسخ مكانته كقطاع قوي وناجح على المدى الطويل”.

واختتم السليماني: “تتلخص العناوين العريضة لقطاع العقارات في المملكة فيما تبقى من العام 2024 في التركيز على الأولويات والتنسيق والتعاون بين المشاريع الحكومية، بالإضافة إلى تعزيز العمل مع القطاع الخاص، وإدارة المواهب بطريقة استراتيجية تضمن النمو المستدام. وستمكننا هذه المبادرات من تحقيق المزيد من التقدم وتعزيز الابتكار وإطلاق كامل إمكانات قطاع العقارات السعودي”.

Share.

Comments are closed.