دبي، الإمارات العربية المتحدة – في القلب النابض لبادن بادن، وسط غابة بلاك فورست حيث يتعالى صوت حفيف الأوراق، على ضفاف نهر أوس، وعلى بُعد دقائق معدودة من وسط المدينة، كُتبت حكايتنا المميزة سطراً بسطر. هي حكاية تمتدّ على 150 عاماً وقد حُفرت سطورها في قلب فندق وسبا برينيرز بارك الأيقوني. يشكّل هذا الفندق باكورة مجموعة أوتكر وهو ليس مجرّد فندق عادي، إذ يشكّل رمزاً من الرموز التي تحافظ على تراث بلدة بادن بادن المدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.

 بداية عظيمة

كُتب السطر الأول من حكاية برينيرز عام 1872، عندما اشترى خيّاط البلاط الملكي أنتون ألوا برينير هذا العقار الذي كان يحمل اسم “ستيفاني لي بان” في السابق. وتحت عينه الساهرة، استهلّ الفندق رحلته المميزة، واضعاً حجر الأساس لباقة من الإنجازات الباهرة التي توالت على مرّ السنين. وفي العام 1883، انتقلت دفّة قيادة هذا الفندق إلى نجل أنتون ألوا، وهو كميل برينير. خضع الفندق في عهد هذا الأخير لعملية ترميم متميزة قادها برؤيته الطموحة، فتوسّع إلى أن أصبح مجمّعاً فندقياً مزدهراً وفرض نفسه كرقم صعب في بلدة بادن بادن.

وبحلول العام 1895، كان فندق ستيفاني قد توسّع ليغدو صرحاً كبيراً يضمّ أكثر من 200 غرفة مع تصميم داخلي مريح جداً. وسرعان ما أصبح قلب بادن بادن النابض، وبات يستقطب ضيوفاً مرموقين من أمثال ملك سيام ولاوس شولالون كورن، الذي حلّ ضيفاً على الفندق عام 1907. واجهت عائلة برينير أوقاتاً عصيبة في العشرينيات، ومن أبرزها التضخم، بيد أنّ هذا الوضع لم يثنيها عن تحقيق أهدافها، بل استطاعت أن تكيّف أعمالها وتغيّر وجه الفندق ليواكب متطلبات العصر. وفي شهر يونيو 1924، كُشف النقاب عن كاسينو ستيفاني الذي بات صرحاً اجتماعياً يستقبل ضيوف الفندق وسكّان البلدة، وأضفى على بادن بادن روح العشرينيات.

عام 1941، استلم رودولف أوغوست أوتكر إدارة الفندق الفخم، معلناً انضمامه إلى مجموعة أوتكر المرموقة. حصلت هذه النقلة النوعية على خلفية أحداث تاريخية هامّة، غداة عصرٍ ارتكز على الصمود والتكيف. وبعد أن انتهت الحرب العالمية الثانية، فتح الفندق أبوابه من جديد عام 1950 في ظلّ إدارة عائلة جديدة، وسرعان ما استرجع مكانته كمقصد للضيوف من كل حدب وصوب. أصبح الفندق منارة للأمل والتجدد، بشهادة 17 ألف ضيف زاروه تقريباً، نصفهم من السياح القادمين من خارج البلاد. وعام 1962، اكتسب فندق برينيرز بارك لقب “مهد أوروبا”، بعد أن احتضن المداولات الفرنسية – الألمانية بين المستشار الألماني كونراد أديناور والرئيس الفرنسي شارل ديغول. كما شهد الفندق لحظات وأحداثاً تاريخية شيّقة، بحيث غدا عنواناً للدبلوماسية العالمية.

إرثٌ لا يعرف زماناً ولا مكاناً

على مدى نصف قرن، حافظ الأخوان كورت وألفرد برينير على إرث الفندق وعمدا إلى إثرائه بصورة متواصلة،  وأشرفا على مسيرة نموه حرصاً على ألاّ يفقد رونقه. فالأمر لا يقتصر على الاستمرارية إنما على التطوّر المتواصل بحيث بات الفندق يجمع تحت سقفه التاريخ العريق والطابع المعاصر.

واليوم، يمتدّ فندق وسبا برينيرز بارك على مساحة 23 ألف متر مربع، ويزيّن بلدة بادن بادن بحضوره اللافت. يتألف هذا الفندق الساحر من تسعة مبانٍ مختلفة، يضفي كل منها رونقاً خاصاً على هذا الصرح.

فالمبنى الأساسي التاريخي يقع في قلب مجموعة المباني هذه ويجسّد الأناقة الآسرة والتقاليد الراسخة. وبجانبه، تشمخ فيلا ستيفاني المعروفة باسم “بيت العافية”. تشيد هذه الفيلا بالدوقة الكبرى لبادن ستيفاني دو بوارنيه، وقد تمّ بناؤها في العام 1890 كقصر ملكي يمتدّ على مساحة 5000 متر مربع ويتألف من 5 طوابق مخصصة بالكامل لتقديم تجارب العافية والسبا المصمّمة وفقاً لاحتياجات كلّ ضيف، بما فيها العلاجات الطبية، وعلاجات التوازن العاطفي، والتخلّص من السموم، وبرامج اللياقة البدنية وعلاجات العناية بالجمال.

يضمّ الفندق أيضاً مبنى بارك فيلا الأنيق الذي يمتدّ على 600 متر مربّع ويحاكي أعلى معايير التميز، فيوفّر لضيوفه تجربةً مترفةً لا تضاهى، إذ يضمّ عدّة تراسات وحديقة خاصّة. أمّا في الداخل، فيتألف من ثلاث غرف معيشة، وستّ غرف نوم أنيقة وستة حمّامات فاخرة. ولا تكتمل الإقامة في بارك فيلا بدون تأمّل الإطلالات الخاطفة للأنفاس على حديقة ليشتينتالر ألي، ليستمتع الضيوف بإقامة من العمر وسط مناظر طبيعية آسرة.

يحتضن الفندق أيضاً باقة من المباني الأخرى، نذكر منها ريزيدنس تورغنجيو وفيلا فياردو التي تضمّ نادي ألواز نيست للصغار، ومبنى مركز اللياقة البدنية، ومبنى المسبح، بالإضافة إلى مبنى هاوس يوليوس حيث يقع مركز الرعاية الطبية الخاص بفندق برينيرز. وبالتالي، يوفّر هذا المزيج المتناغم من الروائع المعمارية ووسائل الراحة الفاخرة، وجهةً مثاليةً للضيوف الذين ينشدون تجربةً فخمة تبعث على الاسترخاء.

لمحة عن المستقبل

يواصل فندق وسبا برينيرز بارك مسيرته اللامعة الممتدة على 150 عاماً، وهو بصدد دخول حقبة جديدة من الأناقة العصية على الزمان. فمن المقرر أن يتمّ ترميم مبناه الأساسي بالكامل مع الحفاظ على أسلوب برينيرز المعهود، وسيتمّ ابتكار تصميم مميز لكلّ غرفة لتتّسم بطابع مختلف وخاص بها. أمّا فيلا ستيفاني ومنطقة السبا والمنتزه الخاص وبارك فيلا فستبقى على حالها، للحفاظ على إرث الفندق الأصلي والعريق. وطوال مرحلة الترميم، سيستمرّ مطعم وينترغارتن باستقبال الضيوف، ليتلذذوا بباقة من أشهى الأطباق.

Share.

Comments are closed.