دافوس، سويسرا– أعلنت إنفستكورب بالشراكة مع المعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD Business School، نتائج النسخة الثالثة من استبيانها السنوي بعنوان “ماذا بعد؟ اتجاهات الاستثمار للمستقبل”. وقد استكشف الاستطلاع آراء المستثمرين المؤسسيين العالميين، بدءًا من صناديق التقاعد وصولاً إلى المكاتب العائلية، في شأن شعورهم العام وتخصيصهم الأموال في ما يتعلق بالاتجاهات الاقتصادية الأبرز والتي يُتوقع أن تطبع الاقتصاد العالمي على مدى العقود الثلاثة المقبلة. ويحدد الاستبيان العوامل الديموغرافية والتكنولوجية والبيئية والجيوسياسية وتلك المتصلة بالموارد التي تقود الاقتصاد العالمي وما يعنيه ذلك بالنسبة إلى فرص الاستثمار الحالية والمستقبلية.

الاتجاهات الرئيسية

حدد الاستطلاع الرقمنة والذكاء الصناعي (= 1 العام الماضي) والطاقة المتجددة وأمن الطاقة كأبرز اتجاهات الاستثمار من حيث الأهمية الراهنة والتي ستتعاظم في العقود الثلاثة المقبلة. واللافت وجود تباين طفيف في النتائج بين الأكبر سناً والاصغر سناً من المتخصصين في مجال الاستثمار، إذ يرى الكبار أن الرقمنة والذكاء الصناعي والطاقة المتجددة وأمن الطاقة هي الأهم، فيما يعطي الأصغر سناً الأولوية للرقمنة والذكاء الصناعي وأمن الطاقة وشيخوخة سكان العالم.

خلص الاستطلاع عبر العيّنة التي شملها إلى أن الاتجاهات الرئيسية الخمسة هي:

  1. الرقمنة والذكاء الصناعي
  2. الطاقة المتجددة
  3. أمن الطاقة
  4. شيخوخة السكان
  5. المركبات الكهربائية وبطاريات تخزين الطاقة

الاتجاهات الإقليمية – التقارب أكثر من الاختلاف

أبرز 3 اتجاهات في أوروباأبرز 3 اتجاهات في الشرق الأوسطأبرز 3 اتجاهات في الولايات المتحدة
الرقمنة والذكاء الصناعيشيخوخة السكانأمن الطاقة  الرقمنة والذكاء الصناعيالمركبات الكهربائية والبطارياتالطاقة المتجددة  الرقمنة والذكاء الصناعيأمن الطاقةالطاقة المتجددة  

الرقمنة والذكاء الصناعي

خلص الاستطلاع مجدداً إلى أن الرقمنة والذكاء الصناعي هما الاتجاه السائد في أذهان المستثمرين، مع إجماع كامل في جميع أنحاء العالم على أهميتهما، وذكر أكثر من 8 من كل 10 مستثمرين مؤسسيين عالميين أنهم يستثمرون حاليًا في هذا النوع من التكنولوجيا أو سيفعلون ذلك مستقبلاً. وتبيّن أن هذا الاتجاه هو الرقم 1 في جميع المناطق التي شملها الاستطلاع، أي أوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة. ويعتقد المستثمرون على مستوى العالم أن الرقمنة والذكاء الصناعي سيسمحان للشركات بتقديم حلول للمشكلات الكبيرة والمنتشرة وسيمهّدان لحصول موجة من الابتكارات في السنوات المقبلة.

شيخوخة السكان

كان المستثمرون أكثر انقسامًا عبر المناطق حول الاتجاهات الأخرى التي تطغى على عالمنا. على سبيل المثال، ليس من المستغرب أن ينشغل عدد من الأوروبيين والآسيويين (على الأرجح بقيادة مستثمرين يابانيين وصينيين) بشيخوخة السكان، في حين أن هذا الأمر أقل إقلاقاً للولايات المتحدة ومناطق الشرق الأوسط لكون التركيبة السكانية في المنطقتين أصغر سناً. وبالنسبة إلى كل من أوروبا وآسيا، يعد الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية من أكثر فرص الاستثمار أهمية للتعامل مع شيخوخة السكان بالنظر إلى كونها اتجاهاً طويل الأمد.

أمن الطاقة

لا غرابة في أن تحدد بيانات الاستطلاع أمن الطاقة كموضوع رئيسي في كل من أوروبا والولايات المتحدة، وهو أمر يزيده حدةً وتفاقماً الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا الذي أدى إلى زيادة أسعار الطاقة والسلع بشكل كبير، وإلى تعميق الصدمة في العرض بعد جائحة “كوفيد – 19″، وتسبب أيضاً بمزيد من الاضطراب في سلاسل التوريد، وساهم في زيادة التضخم، وكلها أزمات محسوسة بقوة في أسواق أوروبا والولايات المتحدة. وأصبح من الضروري الآن للأسواق الغربية أن تستثمر في الإنتاج المحلي للطاقة لتعزيز أمن الطاقة الخاص بها وضمانه. وتشير بيانات الاستطلاع إلى أن المستثمرين في أمن الطاقة يتوقعون أن يستمر هذا الاتجاه ما بعد الصراع الحالي ويعتقدون أنه سيؤدي إلى فرص للاستثمار في إنتاج الطاقة المحلية في أوروبا وخارجها.

الفرق الدقيق بين الصافي الصفري / إزالة الكربون والطاقة المتجددة

يبيّن الاستطلاع كيف أن موضوعَي الصافي الصفري / إزالة الكربون والطاقة المتجددة ليسا محل توافق على صعيد الأقاليم. ففي الولايات المتحدة وأوروبا، تشير بيانات المسح إلى أن الصافي الصفري (الحياد الكربوني) وإزالة الكربون والطاقة المتجددة اتجاهات استثمار رئيسية ستطبع السنوات الثلاثين المقبلة. غير أن البيانات تُظهر أن هناك فصلاً بين مصادر الطاقة المتجددة و الصافي الصفري / إزالة الكربون في كل من آسيا والشرق الأوسط. وإذا استعدنا المناقشات التي جرت في مؤتمر “كوب27” الأخير، نرى أن هناك وجهات نظر إقليمية قوية وآراء منقسمة عندما يتعلق الأمر بالصافي الصفري / إزالة الكربون ومدى السرعة التي يجب أن تتطلع بها المناطق المختلفة إلى التخلص من الكربون. وعلى النقيض من ذلك، تختلف المقاربات عندما يتعلق الأمر بمصادر الطاقة المتجددة بدليل الاستثمار الكبير في مشاريع الطاقة المتجددة الواسعة النطاق الجارية في كل من آسيا والشرق الأوسط. ويفسر الاعتماد المتنوع في الاقتصاد والطاقة على الوقود الأحفوري في جميع أنحاء المنطقة نتائج الاستطلاع، ومع ذلك هناك فرصة واضحة للتخلص من الكربون في آسيا والشرق الأوسط بما أنهما تضمان بلداناً تواجه بعض أكبر تحديات انبعاثات الكربون.

هل إن الفجوة بين الأجيال حول الاستدامة تضيق؟

ركزت الأدبيات السابقة على كيفية اهتمام جيل الشباب من المستثمرين أكثر من جيل الكبار من محترفي الاستثمار بالاستدامة ومستقبل الأرض عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات الاستثمار. غير أن بيانات الاستطلاع تشير إلى أن الأمر تغيّر حالياً.

الاتجاهات الرئيسية لدى المستثمرين الاكبر سناًالاتجاهات الرئيسية لدى المستثمرين الأصغر سناً
الطاقة المتجددة (المرتبة 2)أمن الطاقة (المرتبة 3)المركبات الكهربائية والبطاريات (المرتبة 4)الانتقال إلى صافٍ صفريّ / إزالة الكربون (المرتبة 8)  أمن الطاقة (المرتبة 2)المركبات الكهربائية والبطاريات (المرتبة 4)الطاقة المتجددة (المرتبة 2)الانتقال إلى صافٍ صفريّ / إزالة الكربون (المرتبة 9)  

في حين أنه ربما كان من السهل في السابق الإشارة إلى وجود فجوة بين الأجيال عندما يتعلق الأمر بالقضايا المتعلقة بالاستدامة، فإن الحقيقة هي أن نسبة أكبر من مجتمع الاستثمار تتوافق فعليًا حول هذه القضايا، ويمكن القول إن نتائج الاستطلاع تشير إلى أن مسألتَي إزالة الكربون والطاقة المتجددة هما الآن أكثر أهمية للمستثمرين الأكبر سناً من “زملائهم” الأصغر سنًا الذين يهتمون بمواضيع مثل التحول في مكان العمل والقوى العاملة الذي يشكل اتجاهاً يهم هذه الفئة.

تعليقاً على ما سبق، قال ريشي كابور الرئيس التنفيذي المشارك لإنفستكورب: “يُعَدّ التدفق النقدي والطلب على رأس المال وتوقعات السوق والقطاعات، بالإضافة إلى البيئة التنظيمية، عناصر أساسية عند التفكير في موضوعات الاستثمار المستقبلية. ويقدّم أحدث استطلاع أجريناه نظرة ثاقبة إلى كيفية تقييم المستثمرين العالميين للاتجاهات العالمية الكبرى التي تطبع الأسواق. ومن الواضح أنه بالنسبة إلى المستثمرين العالميين، تُعتبَر الرقمنة والذكاء الصناعي اتجاهًا رئيسيًا سيشكل المشهد الاقتصادي العالمي على المدى الطويل. وتشير بياناتنا إلى أن شركات التكنولوجيا التي تحل المشكلات العالمية أو الأساسية ستكون قابلة للاستثمار بدرجة كبيرة في العقود المقبلة، كما كانت عليه في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن القطاع مر بعام صعب للغاية، فإنه لا يزال مجالًا استثماريًا جذابًا اليوم ويعتقد المستثمرون الذين شملهم الاستطلاع أنه سيجتاز العاصفة الحالية التي تضرب الاقتصاد الكلي. وهذا يوفر بعض الأمل والفرص لنمو رأس المال والمستثمرين الذين يستثمرون في الغالب في مجال التكنولوجيا”.

من جهته، قال حازم بن قاسم الرئيس التنفيذي المشارك لإنفستكورب: “تعكس الاتجاهات الكبرى التي تم تحديدها في الاستطلاع الذي أجريناه حديثاً أولويات الاستثمار الحالية والمستقبلية لبعض المستثمرين العالميين الأكثر معرفة واطّلاعاً. ويشير النظر في تفاصيل الاتجاهات إلى أن المستثمرين يدركون تمامًا الطريقة التي قد تؤثر بها الاتجاهات الكبرى على محافظهم الاستثمارية ويستعدون للتخفيف من التحديات واغتنام الفرص التي تظهر عبر مجموعة من القطاعات. وفي حالة الطاقة المتجددة وإزالة الكربون، لدينا اقتناع راسخ بهذا المجال حيث نرى سوقًا يزداد فيه الطلب مقابل وجود مشكلات في العرض، وحيث هناك إمكانات للابتكار على نطاق واسع مع خلفية تنظيمية مؤاتية”.

المنهجية

عمل كل من إنفستكورب و المعهد الدولي للتنمية الإدارية   IMD Business School على تجميع معطيات الاستطلاع لمعاينة الاتجاهات الرئيسية التي يعتقد المستثمرون أنها ستصوغ الاقتصاد العالمي على مدار الثلاثين عامًا المقبلة، واستكشاف كيف سيسعون لاحتضان هذه الاتجاهات في محافظهم الاستثمارية. وتلقى الاستطلاع ردودًا من مستثمرين من جميع أنحاء العالم يمثلون مجموعة من أنواع المؤسسات، بما في ذلك صناديق التقاعد، وصناديق الثروة السيادية، والمؤسسات، والأوقاف المالية، وشركات التأمين، والاستشاريين، والصناديق القابضة، والمكاتب العائلية. وكان من بين المشاركين في الاستطلاع كبار المسؤولين التنفيذيين في مؤسساتهم الذين عرّفوا عن أنفسهم بأنهم مدراء تقنية المعلومات، ورؤساء مجموعات استثمارية، ومدراء إداريون وشركاء. شمل المشاركون في الاستطلاع أولئك الذين يديرون محافظ في الأسواق الخاصة والأسواق العامة.

Share.

Leave A Reply