الإمارات العربية المتحدة، أبوظبي-: يواصل مهرجان الشيخ زايد التركيز على تقديم رسالته الرئيسة المتمثلة في الحفاظ على التراث الوطني، وتأكيد عمق الحضارة الإماراتية، ونقلها للأجيال القادمة من خلال مكونات وأجنحة كثيرة وأهمها القرية التراثية التي تستعرض إمكاناتها أمام الزوار.
وتستعرض “القرية التراثية” الواقعة في قلب مهرجان الشيخ زايد، التراث العريق لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال بيئات الحضارة الإماراتية الأربع؛ وهي البيئة البحرية بمكوناتها وتراثها، والبيئة الصحراوية (البرية) بصفاء رمالها، والبيئة الجبلية بقوتها وجلد أصحابها، والبيئة الزراعية بخضارها وأشجارها، من خلال التصاميم المطابقة لواقع تلك البيئات.
وتتميز القرية التراثية- التي تحمل رسالة “حياكم”- بتصميمها المعماري الفريد المستوحى من طرز العمارة التقليدية، في حين تحمل بوابتها ملامح من العمارة العسكرية قديماً، وتعد القرية التراثية بمثابة محطة استثنائية تنقل الزوار من زحام العولمة والحداثة إلى هدوء الحياة القديمة وبساطتها المتمثلة في بيوت الطين والبيوت المصنوعة من سعف النخيل، لتنعش الذاكرة وتستوقف الزوار أمام رحلة الأجداد القادمة من عبق الماضي في دولة الإمارات.
وتضم القرية التراثية جهود العديد من الجهات الحكومية تتعاون من أجل صون التراث وإبرازه للزوار، حيث يقدم الاتحاد النسائي العام، مشغلاً نسائياً لعدد من الصناعات التقليدية، من خلال جهد مجموعة من الخبيرات في مجالات المهن اليدوية التقليدية مثل الغزل والنسيج بواسطة خامات متنوعة من الصوف، وحياكة البسط وعمل الحصير والتلي والسدو وغزل الصوف وغيرها من المهن التراثية التي تذكر الأجيال بتفاصيل الحياة قديماً.”
كما تستعرض مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية من خلال “الأسر المواطنة” في القرية التراثية منتجات تلك الأسر من خلال توفير منافذ متخصصة لعرض تلك المنتجات أمام الزوار ومسابقة الأكلات الشعبية.
أما نادي تراث الامارات فيقوم بتفعيل “الحضيرة” والتي يجلس بها مجموعة من الكبار «الشواب» يعدون القهوة بطريقة بدائية قديمة ويحيط بهم جدار مصنوع من سعف النخيل أو أشجار «المرخ» التي تنبت في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يتم استخدام غصون أشجار أخرى كالسمر والغاف وغيرها لتثبيت الحائط لمواجهة الرياح.
وتكون الحضيرة مفتوحة من إحدى الجهات، على ألا تكون الجهة المفتوحة معاكسة للرياح، لحماية الجالسين من الغبار والأتربة، وكان يتم اتخاذ الحظيرة ملاذاً في الشتاء لإشعال النار وإعداد القهوة، لتكون مركزاً لسرد القصص والذكريات، كما يتم استخدام «التاوة» كأهم الأدوات المستخدمة في صناعة القهوة قديماً المصنوعة من الحديد والتي تستخدم لتحميص حبات البن، إضافة إلى «المحماس» وهو عبارة عن قطعة طويلة من الحديد أو النحاس، صنعت لتقليب القهوة وتحميصها كما يمكن استخدامها في رفع الخبز عن «التاوة»، كذلك يتم فيها تعليم السنع وأسلوب الضيافة والعادات والتقاليد.
ويستعرض نادي صقاري الإمارات مجموعات من الصقور بهدف زيادة الوعي بقيمة رياضة الصيد بالصقور كتراث وفنّ إنساني مُشترك يجمع بين الصقارين داخل دولة الإمارات وخارجها وتعريف الزوار بأساليب الصيد المُستدام وأخلاقيات الصقارة.
وبالتوازي، يستعرض مركز السلوقي العربي في أبوظبي، الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، أصنافاً من السلوقي بهدف إحياء رياضة الصيد بالكلاب السلوقية والمحافظة على تقاليدها والاستعانة بها في الصقارة وحفظ السلالات الأصيلة وتزويد المُهتمين بالمعرفة اللازمة وكيفية الاهتمام بها ورعايتها وتدريبها.
ويعرض نادي أبوظبي للرياضات البحرية نموذجاً من القوارب البحرية في قلب القرية التراثية بهدف غرس حب الرياضات البحرية بشقيها التراثي والحديث في نفوس الشباب، وتعزيز بناء مجتمع صحي قائم على أساس رياضي من خلال ممارسة الرياضة واتباعها كأسلوب حياة بمختلف الأنشطة والفعاليات.
ويتخلل تلك المشاركات، استديو التراث الإماراتي الذي يتيح للسائحين والزوار إمكانية التقاط صور توثيقية باللباس الإماراتي التقليدي للنساء والرجال، إضافة إلى البقالة (الدكان قديماً) والذي يشمل كل أنواع المواد الغذائية القديمة التي تعود بالمشترين إلى ذكرياتهم الجميلة، عدا عن الحناء وهو من أحب أنواع الزينة للسيدات.
كما تضم القرية التراثية العديد من الحرف المتنوعة بيد حرفيين متخصصين في صناعة الفخار والخناجر والخياطة في ثوبها التراثي القديم لتعريف الجمهور بموروث الآباء والأجداد.